أرقام وزارة العدل تكشف ارتفاعا مقلقا لطلبات تزويج القاصرات بالمغرب خلال العام 2024

أرقام وزارة العدل تكشف ارتفاعا مقلقا لطلبات تزويج القاصرات بالمغرب خلال العام 2024

كشفت معطيات رسمية صادرة عن وزارة العدل أن ظاهرة تزويج القاصرات ما تزال مطروحة بإلحاح داخل المجتمع المغربي، حيث بلغ عدد الطلبات المقدمة أمام محاكم الأسرة خلال سنة 2024 ما مجموعه 15 ألفا و425 طلبا، وهي أرقام تعكس استمرار حضور هذا النوع من الزيجات رغم النقاش الحقوقي والقانوني الدائر حولها.

وحسب الوزارة، فإن النصيب الأكبر من هذه الطلبات جاء من العالم القروي بما مجموعه 11 ألفا و325 طلبا، أي ما يقارب ثلاثة أرباع العدد الإجمالي، مقابل أقل من 4100 طلب من سكان المدن. هذه المعطيات تؤكد الطابع البنيوي للظاهرة في الأوساط القروية، حيث العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تظل ضاغطة بقوة.

منحى تصاعدي خلال السنوات الأخيرة

الأرقام الرسمية تبرز أيضا مسارا متذبذبا خلال السنوات الثلاث الماضية. ففي عام 2022، سجلت محاكم المملكة 14 ألفا و632 طلبا للزواج من قاصرات، 72 في المائة منها قادمة من العالم القروي. أما في سنة 2023 فانخفض العدد إلى 11 ألفا و903 طلبات، قبل أن يعاود الارتفاع في 2024 إلى 15 ألفا و425، وهو ما يثير تساؤلات حول نجاعة التدابير التشريعية والتحسيسية المتخذة للحد من الظاهرة.

تحديات تشريعية ومجتمعية

يعود الإطار القانوني المنظم لهذه الحالات إلى مدونة الأسرة التي دخلت حيز التنفيذ عام 2004، حيث حددت السن الأدنى للزواج في 18 سنة، لكنها فتحت الباب أمام الاستثناء عبر إذن القاضي. هذا الاستثناء ظل موضوع جدل واسع، إذ يعتبره المدافعون عن حقوق الطفولة والنساء ثغرة تستغل لتزويج القاصرات، بينما يبرره البعض بخصوصيات اجتماعية أو أسرية.

وبالرغم من حملات التوعية المتواصلة التي تقودها جمعيات المجتمع المدني وعدد من الهيئات الرسمية، فإن الأرقام تؤكد أن الطلبات لا تزال في مستويات مرتفعة، خاصة في القرى والمناطق النائية التي تعاني من ضعف البنيات التعليمية وانتشار الهشاشة الاقتصادية، ما يدفع بعض الأسر إلى تزويج بناتها في سن مبكرة باعتباره خيارا اجتماعيا أو اقتصاديا.

دعوات لتعزيز الحماية القانونية

في ظل هذه المؤشرات، تتعالى أصوات الحقوقيين بضرورة مراجعة مدونة الأسرة بشكل يحد من الاستثناءات الممنوحة، وتعزيز بدائل اجتماعية واقتصادية تحمي القاصرات من خطر الزواج المبكر وما يترتب عنه من تبعات صحية وتعليمية ونفسية. كما يطالب الخبراء ببرامج موازية لدعم تمدرس الفتيات في العالم القروي والرفع من وعي الأسر بمخاطر تزويج الطفلات.

مسؤولية مشتركة

تعكس الأرقام المعلنة التحدي الكبير الذي يواجهه المغرب في مسار حماية الطفولة وضمان حقوقها الأساسية. وبينما يظل تدخل القضاء محددا أساسيا في البت في الطلبات، فإن معالجة الظاهرة تتطلب رؤية شمولية تشارك فيها قطاعات متعددة من تعليم وصحة وتنمية اجتماعية، فضلا عن المجتمع المدني، لضمان مستقبل أفضل للأطفال والفتيات وحمايتهم من أشكال الهشاشة والتمييز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

راديو بلوس الدارالبيضاء

|

راديو بلوس أكادير​

راديو بلوس الدارالبيضاء​

|

راديو بلوس أكادير​