ارتفاع قرارات رفض زواج القاصر… مؤشر على تغير العقليات وتطور الإجراءات
ارتفاع قرارات رفض زواج القاصر… مؤشر على تغير العقليات وتطور الإجراءات

في تصريح يعكس تطورا ملحوظا في جهود محاربة ظاهرة زواج القاصرات بالمغرب، كشف هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن عدد الملتمسات الصادرة عن النيابات العامة برفض الإذن بزواج القاصر ارتفع بشكل كبير، ليبلغ أزيد من 13.700 ملتمس خلال سنة 2024، مقابل أرقام أقل بكثير في السنوات السابقة.
وأوضح البلاوي، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الإفريقي لتمكين المرأة المنظم أمس الثلاثاء بمدينة سلا، أن هذه الحصيلة الإيجابية جاءت ثمرة الجهود المشتركة بين مختلف المؤسسات الوطنية، في إطار إعلان مراكش 2020 للقضاء على زواج القاصر، والذي يشكل التزاما وطنيا قويا لمواجهة هذه الظاهرة الاجتماعية.
كما أشار رئيس النيابة العامة إلى أن هذه الجهود لم تقتصر فقط على الجانب القضائي، بل شملت كذلك محورا أساسيا يتعلق بإرجاع الفتيات القاصرات إلى مقاعد الدراسة، مبرزا أنه تم خلال سنة 2024 إعادة أكثر من 71.600 تلميذة وتلميذ إلى الفصول الدراسية، بفضل التنسيق الوثيق بين القطاعات الحكومية، وخاصة وزارة التربية الوطنية، وفعاليات المجتمع المدني.
ويأتي هذا التطور في سياق انخراط المغرب في سياسة وطنية شاملة لحماية الطفولة وتمكين الفتيات، من خلال مبادرات عملية تتقاطع فيها الأبعاد القانونية، التربوية، الاجتماعية، والتوعوية.
وكان إعلان مراكش، الذي أطلق سنة 2020 تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، قد شكل نقطة تحول في مقاربة الدولة لظاهرة زواج القاصر، من خلال تعبئة أجهزة النيابة العامة، وقضاة الأسرة، وقطاعات التربية والصحة، والمجتمع المدني، من أجل التصدي للأسباب العميقة لهذه الظاهرة التي تمس بحقوق الفتيات في التعليم والحماية والنماء.
وتراهن السلطات المغربية، من خلال هذا المسار التصاعدي في عدد قرارات الرفض، على تقليص ظاهرة الزواج المبكر تدريجيا، بالتوازي مع تطوير برامج التوعية والتحسيس في الوسط القروي، وإرساء بدائل حقيقية للفتيات، من قبيل التمدرس والتكوين المهني والدعم الاجتماعي.
يذكر أن نسبة الإذن بزواج القاصر في المغرب عرفت خلال السنوات الأخيرة منحى تنازليا، إذ انتقلت من أزيد من 20 في المائة من مجموع عقود الزواج سنة 2011، إلى نسب أقل بكثير في السنوات الأخيرة، وهو ما اعتبرته مؤسسات رسمية ومجتمع مدني مؤشرا إيجابيا على تغير تدريجي في العقليات والممارسات داخل المجتمع.



