الجالية المغربية مستاءة من غلاء تذاكر الرحلات الجوية والبحرية
مع حلول كل صيف، عوض أن ينتشر شعور الارتياح والفرحة بقرب معانقة أرض الوطن، يحدث العكس، حيث يرتفع منسوب القلق عند مغاربة العالم جراء غلاء أسعار تذاكر الرحلات الجوية والبحرية.
وعبر مغاربة العالم في منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، عن غضبهم الشديد من غلاء التذاكر، مبرزين أنه لا يعقل أن تتجاوز أسعار التذاكر من بعض الدول كامريكا وكندا حاجز 2 مليون سنتيم مع اقتراب عيد الأضحى، وعطلة الصيف.
بدورها التذاكر في عواصم الاتحاد الأوروبي قفزت إلى مستويات قياسية، حيث وصلت تذكرة الطائرة في بعض الدول كألمانيا ثمن 800 يورو.
معاناة في سبيل الوطن
في الوقت الذي يختار فيه البعض عدم زيارة المغرب بسبب الغلاء، وضعف الميزانية التي يتوفر عليها والاكتفاء بالتوجه إلى بعض الدول كإسبانيا وتركيا، يبحث البعض عن بدائل أقل تكلفة بهدف زيارة الأهل والاحباب.
وفي هذا الصدد، قال ميمون الكرش، مقيم في ألمانيا، لصحيفة “النهار المغربية” إنه سيختار الطريق الصعب، حيث سيركب السيارة رفقة زوجته وأبنائه الأربعة، ويشق طريق أوروبا لمدة ثلاثة أيام حتى يصل إسبانيا ويركب الباخرة في اتجاه ميناء الناظور.
وأضاف المتحدث للصحيفة، أنه كان يفكر مليا في العدول عن فكرة قضاء عطلة الصيف في المغرب، إلا أن الحنين إلى الوطن حال دون ذلك، مبرزا أنه بالضرورة يجب التدخل لتسهيل ولوج مغاربة العالم إلى أرض الوطن، وعدم النظر إليهم فقط كغنيمة يمكن الاتجار فيها.
وشدد ميمون الذي ينوي زيارة مدينة الناظور حيث تقيم أسرته، أن بعض أصدقائه قرروا عدم زيارة البلاد هذه السنة بسبب عدم تمكنهم من دفع 800 يورو لأجل التذاكر، مبرزا أنه وأمام هذا الغلاء الفاحش، قررت العديد من الأسر أن تسافر إلى إسبانيا وقضاء عطلة الصيف هناك.
البرلمان يطالب الحكومة بالتدخل
أمام هذه الوضع، وتخوف العديد من العائلات من سيناريو أن يتسبب هذا الغلاء في حرمان العديد من مغاربة العالم من زيارة الوطن والأهل والأحباب، طالبت العديد من الأصوات داخل البرلمان الحكومة بالتدخل من أجل حماية جيوب الجالية، خاصة أنهم يساهمون بشكل فعال في ضخ العملة الصعبة في خزينة الدولة.
وفي هذا الصدد، قالت فاطمة التامني، برلمانية عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، لصحيفة “النهار المغربية”، أن الجالية المغربية تضخ أرقاما هامة وكبيرة من العملة الصعبة في الاقتصاد الوطني.
وشددت المتحدثة، أن عملية دخول الجالية المغربية لا تصاحبها استعدادات وقوانين من شأنها أن تشجع على الاستثمار والسياحة.
وأكدت التامني، أن الجالية عند دخولها المغرب تواجه نفس مصير المغاربة من غلاء الأسعار وتردي مستوى المعيشة، الأمر الذي يحد من الترقي داخل المجتمع، وعدم المساهمة في خلق استثمارات داخل البلاد لخلق فرص الشغل والنهوض بالتنمية.
وانتقدت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي بشدة غياب التصور الحكومي لهذه الفئة من المغاربة.
بدورها، صرحت النائبة البرلمانية ثورية عفيف عن المجموعة النيابية لفريق العدالة والتنمية، لــ “النهار المغربية”، أن الحكومة أعلنت منذ بداية ولايتها أنها حكومة اجتماعية إلا أنه العكس هو الذي تبين، كونها لا تفكر إلا في الأغنياء.
وتساءلت النائبة البرلمانية عن أثر المرسوم الذي تداولته الحكومة في المجلس الحكومي، من خلال تقديم دعم لــ “لارام” بقيمة 3.5 مليار درهم، مبرزة أن الحكومة تخصص الدعم كما هو الحال بالنسبة للأغنام إلا أن أثره غائب في الواقع.
وحذرت عفيف من خطر تضارب المصالح الذي أصبح العنوان الأكبر لسير حكومة عزيز أخنوش، قائلة “جل القطاعات طغى عليها خطر تضارب المصالح”.
وعلاقة بالموضوع، دعا نواب الفريق الحركي بمجلس النواب، وزارة النقل واللوجستيك إلى إطلاق مبادرات عملية لدعم مغاربة العالم، من خلال تسهيل إجراءات عودتهم إلى أرض الوطن لقضاء العطلة الصيفية.
ووجه السنتيسي، سؤال كتابي إلى وزير النقل محمد عبد الجليل، يطالبه بالكشف عن تصور الوزارة لضمان عودة سلسة لمغاربة العالم.
واستحضر رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب ادريس السنتيسي، الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس، لقضايا الجالية المغربية.
ودعا السنتيسي وزير النقل إلى الكشف عن رؤية الوزارة لتوفير عروض النقل والتنقل لتخفيض أسعار تذاكر الطيران والبواخر والزيادة في عددها، ومراجعة أسعار النقل الداخلي وكراء السيارات لتأمين وصول أبناء الجالية إلى مقرات إقامتهم.
وتساءل البرلماني ذاته، عما إذا كانت الحكومة تملك تصورا لإحداث شركات أخرى للنقل البحري والجوي لتغطية الطلب الكبير والمتزايد على خدمات نقل الجالية المغربية، وذلك بغية التأثير على أسعارها حتى لا نبقى دائما تحت رحمة شركات الملاحة البحرية الأجنبية.
اهتمام ملكي بعودة مغاربة العالم
سبق وطالب جلالة الملك محمد السادس نصره الله، السلطات بضرورة للعمل على تسهيل عودة المغتربين إلى أرض الوطن بأسعار مناسبة ومعقولة.
وجاء في بيان للديوان الملكي أن جلالة الملك أمر كل المتدخلين بمجال النقل الجوي خاصة شركة الخطوط الملكية المغربية ومختلف الفاعلين في النقل البحري بالحرص على اعتماد أسعار معقولة، وأيضا توفير العدد الكافي من الرحلات، لتمكين العائلات المغربية بالخارج من زيارة وطنها وصلة الرحم بأهلها وذويها.
وطالب جلالة الملك من كل الفاعلين السياحيين سواء في مجال النقل أو الإقامة إلى اتخاذ التدابير اللازمة قصد استقبال أبناء الجالية المغربية المقيمين بالخارج في أحسن الظروف وبأثمان ملائمة.
رفض حكومي لدعم أسعار التذاكر
رفض وزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل في وقت سابق ملتمسا برلمانيا تقدم به نواب من المعارضة، لدعم أسعار تذاكر الرحلات الجوية والبحرية لتسهيل عودة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مرجعا غلاء أسعار تذاكر العبور إلى معدلات التخم القياسية التي ضربت الأسواق العالمية.
ولفت عبد الجليل أن مصالح الوزارة تعمل على تحسيس الشركات البحرية لإعادة النظر في تعريفاتها إسهاما منها في انجاز عملية العبور خلال الفترة الصيفية، ونفس هذا المعطى ينطبق على رحلات النقل الجوي بين المغرب والدول الأوروبية.
وأكد الوزير أن اتفاق الأجواء المفتوحة الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 2006 ينص على رفع مجموعة من القيود المرتبطة باستغلال الخطوط الجوية بين المطارات المغربية ونظيراتها التابعة لدول الاتحاد الأوروبي.
وخلص الوزير إلى أن أسعار تذاكر الرحلات البحرية والجوية بين المغرب وأوروبا محررة وتخضع لقواعد المنافسة الحرة وقانون العرض والطلب.