اليوم العالمي للكتاب.. طريق رد الإعتبار لخير جليس
في وقت أغلقت فيه معظم المدارس والجامعات أبوابها في جل بقاع العالم بسبب تفشي فيروس “كوفيد- 19″، وأضحى التزام الحجر الصحي في البيت ضرورة حتمية لا غنى عنها لمواجهة الوباء القاتل، أصبحت الكتب والمطالعة أكثر أهمية من أي وقت مضى، كونها تتيح الفرصة للخوض والإبحار في العديد من المجالات، لتوسيع التأملات وتحفيز الأرواح على الإبداع.
وإذا كان البعض يفضل مشاهدة فيلم على التلفزيون أو الجلوس أمام شاشة الهاتف والاكتفاء بالنقر والمشاركة، لاسيما في وقت بسطت فيه الشبكات الاجتماعية هيمنتها على مختلف جوانب الحياة اليومية، فقد أضحت القراءة، التي تم العزوف عنها في الآونة الأخيرة، تشكل عالما مختلفا تماما، كما أنها مصدر حقيقي للمتعة والتعلم.
وهكذا، بفضل القراءة ومن خلال الاحتفاء باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، يوم غد الخميس، ستتاح للمجتمع الدولي الفرصة للانفتاح على الآخرين على الرغم من التباعد، ومجابهة العزلة والوحدة.
ويهدف الاحتفال بهذا اليوم، الذي يخلده العالم في 23 أبريل من كل سنة، إلى تعزيز متعة قراءة الكتب، وتسليط الأضواء على قيمة الكتب، التي تعتبر صلة وصل بين الماضي والمستقبل، وجسرا بين الأجيال والثقافات المختلفة.
وفي هذا الصدد، وفي كل عام، تختار منظمة اليونسكو والمنظمات المهنية الدولية الثلاث الممثلة لعالم الكتاب، وهي الاتحاد الدولي للناشرين، والاتحاد الدولي للمكتبات، والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات، العاصمة العالمية للكتاب لفترة مدتها عام، تبتدئ في 23 أبريل.
ووقع الاختيار هذا العام على مدينة كوالالمبور الماليزية نظرا للتركيز الكبير الذي توليه لمسألة التعليم الشامل للجميع، وبناء مجتمع قائم على المعرفة، وولوج الجميع إلى القراءة. ويركز هذا البرنامج المنظم تحت شعار “كوالالمبور: القراءة مفتاح الإدماج”، على أربعة مواضيع تتمثل أساسا في القراءة بجميع أشكالها، وتطوير البنية الأساسية لصناعة الكتاب، والشمولية وإتاحة الموارد الرقمية، وتمكين الأطفال من خلال القراءة.
بالإضافة إلى ذلك، شهدنا في السنوات القليلة الماضية ممارسات مشينة، بما في ذلك السرقة الأدبية أو الاستنساخ دون إذن، خاصة في الأوساط الأكاديمية والجامعية، والتي يمكن أن تكون ضارة للمؤلف والناشر وكذلك لأمناء المكتبات، ومن هنا تبرز ضرورة احترام حق المؤلف لضمان احتلال الكتب مكانتها الحقيقية على المستويات الاجتماعية والتربوية والثقافية.
ومن نفس المنطلق، وفي مواجهة التحولات في مفهوم الكتب وأشكالها الجديدة، فإن احترام حق المؤلف ضروري للترويج للكتاب. ويصدق هذا أكثر في الوقت الذي تعرض فيه الرقمنة الكتاب لمخاطر الاستخدام غير المشروع، الأمر الذي يتطلب تعبئة شاملة من طرف صانعي القرار السياسي والناشرين والفاعلين التربويين وجميع فاعلي المجتمع المدني للمساهمة في التفكير في أنجع الطرق للترويج للكتاب الذي يعد أداة المعرفة التي لا غنى عنها.
وفي المغرب، صدر في عام 1916 أول قانون يتعلق بحماية الأعمال الأدبية والفنية، تلته العديد من النصوص المعدلة والمكملة إلى غاية صدور قانون 15 فبراير 2000، الذي دخل حيز التنفيذ في 18 نونبر في نفس العام.
وبموجبه شرعت المملكة في حماية الأعمال الأدبية من أي انتهاك، بما يتماشى مع التشريعات الدولية والتطورات التكنولوجية، من أجل تحسين وضعية المؤلف المغربي، الذي لا يزال يواجه السرقة الأدبية والقرصنة.
ويعتبر تاريخ 23 أبريل الذي اختاره المؤتمر العام لليونسكو عام 1995، رمزيا للأدب العالمي، ففي مثل هذا اليوم توفي كتاب تركوا بصمتهم في الأدب من قبيل ويليام شكسبير وميغيل دي ثرفانتس وإنكا غارسيلاسو دي لا فيغا.
وهكذا أصبح هذا اليوم العالمي مناسبة لتكريم الكتاب والمؤلفين في جميع أنحاء العالم، ولتسليط الضوء على أهمية قراءة الكتب في عصر يتسم بثورة رقمية هائلة.