طالع السعود الأطلسي يكتب: النظام الجزائري في “حضيض العداء”
الثلاثي غير المرح، وغير الواضح، من الجنرالات، نزار، توفيق ومهنا، الذي يحكم الجزائر فعليا، بموجهين اثنين، أولهما تأبيد سلطة الجيش وتأمين استفادة الجنرالات منها، وثانيهما تغذية العداء للمغرب لتبرير السيطرة على حكم الجزائر… ذلك الثلاثي باءت كل محاولاته، كل مخططاته، كل أمنياته، بالفشل وهو يأمل في النيل من المغرب… والمغرب لا يرد على تلك المخططات… هي من تنسف نفسها بالتلقاء… مداها جد محدود وما تتتغياه مكشوف، وهي من الهشاشة بحيث تنفجر في يد مطلقها، وتنتج الخسائر فيه دون أن تبلغ هدفها…
ذلك الثلاثي بعد أن تلمس وتنفس دخان حرائقه الديبلوماسية ضد المغرب… ضاقت به ساحات معاداة المغرب… وضاقت مساحات مناوراته… باتساع إشعاع المغرب وحظوته الدولية… فلجأ إلى ساحة ضيقة في باريس، هي ساحة “الكولونيل فابيان”، لتنظيم “ازدحام سياسي”، حشدت له المخابرات الجزائرية، بالكاد، حوالي أربعمائة مأجور أو مجرور… تحت عنوان مستعار هو “الاحتفال بعيد النصر”… وجرى على شكل هرج ومرج، تخللته “ملطمة” ضد معارضين للنظام الجزائري، وأقحم فيها المغرب، بزعم أنه ما يسترو تلك المعارضة… وقد أخذت الوقاحة مهندسي ذلك الهرج إلى أزكم درجات النتانة، حيث توجهوا بالصورة والصوت إلى رمز سيادة المغرب وقائده جلالة الملك محمد السادس… وبذلك انكشفت تلك “البنديخة”، كونها أقيمت ضد المغرب، في منطلقها وفي هدفها… وجرى تلفيفها “بخبر زائف”، عنوانه “مواجهة معارضين للنظام الجزائري”… وصلة المغرب بالمعارضة الجزائرية إدعاء… بطلانه مكشوف لخصوم المغرب قبل أصدقائه… بل إن قادة النظام الجزائري، هم أول من يعرف بأنه باستثناء أحزاب المعارضة المشاركة في الحياة السياسية الجزائرية، والتي تربطها علاقات تاريخية مع أحزاب مغربية… في الواضح وفي العلن… المغرب، بدولته وبأحزابه، أبعد نفسه عن صراع النظام الجزائري مع معارضته، وخاصة تلك الموجودة في الخارج أو تلك التي حملت السلاح ضد الدولة… الدولة المغربية امتنعت عن التدخل ضد الدولة الجزائرية في حربها، خلال العشرية السوداء، ضد المعارضة الإسلامية المسلحة… المغرب تقوده دولة، وليس عصابة… دولة تحترم نفسها وتقيد سلوكها بمنطق ومعقول الدولة… وتصون للمستقبل بعض الجسور… حتى وهي تجد نفسها أمام عصابة تسيطر على دولة، وتنسف كل ما هو وراءها من تاريخ مشترك مع المغرب وكلما تجده أمامها من جسور تؤدي إلى مستقبل، مثمر، معه…
في نفس اليوم، وفي باريس نفسها، نظمت المعارضة الشعبية للنظام الجزائري تظاهرة عارمة، في ساحة “الجمهورية” الفسيحة… لكي تبلغ الرأي العام الفرنسي والعالمي، عن السياسة القمعية للنظام الجزائري، ضد حريات التعبير والصحافة… ولكي تكشف هيمنة جنرالات الحكم الجزائري على أوضاع البلاد… يغتنون منها وبها، وينهبون عائدات مبيعات الطاقة الأحفورية فيها… ويبقى البلد يشكو من خصاصات مهولة ومؤلمة، تطال حتى المواد الغذائية الأساسية… ناهيك عن الخصاص في مقومات الدولة، المتعارف عليها في العالم، واقعيا وفي الأدب السياسي الإنساني… تلك التظاهرة لوحدها كشفت عزلة عصابة الحكم الجزائري عن شعبها… المعارضة الشعبية استقطبت مشاركة شعبية واسعة ونوعية، من الجالية الجزائرية في فرنسا… شعاراتها لها صلة بالواقع الملموس في الجزائر، ومطالبها واقعية… بينما “الازدحام” الذي أشرفت عليه مخابرات “الثلاثي” الحاكم في الجزائر، كان مطبوعا بالتحريض ضد الدولة المغربية… وهي غير معنية بمآسي الوضع الجزائري… مرورا بالتحريض ضد معارضين جزائريين… ربما أكثرهم شبوا داخل أروقة النظام نفسه… ومنها فروا إلى معارضته … وهم أدرى بطبيعته وبدسائسه وبجرائمه… إنها عصابة الحكم الجزائري وهي منشغلة عن قضايا وهموم شعبها، تؤجر من يؤثت لها فعالياتها “لمزاولة” عدائها للمغرب ولملك المغرب… وتبدد المال العام الجزائري في ما لا ينفع الشعب الجزائري… ولذلك كانت تلك الازدحامية باهتة ومفتعلة ومجرد صراخ بشعارات غير متقنة الصنع… بل شعارات ساقطة وصادرة من عدوانية بهيمية متولدة من نتانة الحضيض الأوسخ للعداء…
ثلاثي الحكم استبد به الغيظ من المغرب ومن ملك المغرب فاندفع إلى ممارسة ما يناسب وضاعته من شتائم… وهي وسيلة العاجز، الفاشل والمعزول… للتنفيس عن حنقه من وضعه المأزوم… الجنرالات المهيمنين على الدولة في الجزائر لم ينتجوا لبلادهم، لداخلها ولخارجها، سوى الأزمة… سيما والكومبارس الذي يديرون به الحكومة والدولة لا يسعفهم ولا يحمل عنهم وزرا… وحكامها، ذلك الثلاثي الحاكم الفعلي والكومبارس معه، يكابرون ويواصلون تهريب أزماتهم الداخلية إلى تغذية عدائهم للمغرب ورعاية الحركة الانفصالية ضد وحدة ترابه… وهو عداء وتآمر يضران أولا بالجزائر ويكلفانها فرامل في مسارها التنموي، تبقيها عرضة لأزمات داخلية وأخطار خارجية… فرانسوا هولاند، الرئيس الاشتراكي الفرنسي السابق، وبلغة جد ملطفة سيقول لجريدة ليبراسيون، المغربية، بأن الوضع في الجزائر “يعاني من الجمود ولمدة طويلة”… وأوضح مظاهر ذلك الجمود تبرز في العمى الديبلوماسي لجنرالات الحكم الجزائري… الناتج عن استفحال عدائهم للمغرب… جلالة ملك المغرب، لأنه قائد تاريخي، قبل 16 سنة من اليوم، فتح في تورم المنازعة الجزائرية للحق الوطني الوحدوي المغربي، فتح فيه مخرجا وجسرا إلى المستقبل، عبر مقترح الحكم الذاتي… مقترح الحكم الذاتي المغربي، اندرج في مشروع ملكي تنموي وتحديثي للمغرب، بصلة مع محيطه الجيواستراتيجي… المغرب تطور في ممكناته وروافعه السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، ونسج له مكانة الاحترام والتفاعل في دوائر علاقاته الديبلوماسية… وبتلك المكانة وفر لمقترحه السلمي قوة الإقناع به… وساعدته رياح التاريخ الجارية اليوم، والتي تهب لإعادة تشكيل النظام السياسي الدولي، بمفاهيم جديدة وبقوى جديدة… ليجد المغرب نفسه فاعلا متوفرا على المرونة الضرورية وعلى قابلية الاندماج في التحولات العالمية والتفاعل معها… ومن تلك التحولات… أن العالم بصدد محاولات “التخلص” من النزاعات والتوترات والتشنجات، الإقليمية والمحلية… ومن بينها المنازعة حول الصحراء المغربية… وهي منازعة على تماس مع بؤر توتر والتهاب في المنطقة، وتهدد بحرب فيها.
حرب، لا أحد في مصلحته، من القوى الخارجية، القريبة من الجزائر أو تلك المساندة للمغرب… وحدها الجزائر بقيت تتحدث لغة صراع لا تجد من تخاطبه بها ويفهمها… وبذلك عزلت نفسها، وباتت عقبة وجزأ من عراقيل المضي، في المنطقة. إلى السلم والتعاون والتقدم…
المغرب، اليوم، محاط باحتضان دولي، سياسي واقتصادي واجتماعي، أكبر علاماته المكانة المميزة لجلالة الملك في التقدير الدولي لشخصه ومنهجية تدبير حكمه… ذلك التنويه وذلك الاعتبار قالته وتقوله دول يتزايد عددها… في المحيط الجغرافي للمغرب، اللصيق والقريب، ومنهما إلى أرجاء العالم… وقد كانت جائزة التميز التي منحها الاتحاد الإفريقي لجلالة الملك، أوضح تعبير عن التقدير الدولي لجلالته… وحتى بالأمس، وزير الخارجية الأمريكية السيد أنطوني بلينكن، أشاد بحكمة جلالة الملك وبريادته الفاعلة في إفريقيا وفي الشرق الأوسط… وأيضا بالتقدير الذي يحظى به جلالته، أمكن أن يشترك المغرب مع اسبانيا والبرتغال في الترشح المشترك في احتضان كأس العالم 2030. وهو مشروع بتداعيات استراتيجية، اقتصادية اجتماعية بعيدة المدى… كل ذلك وغيره، أغاظ حكام الجزائر وأجج حنق الثلاثي العسكري النافذ فيهم… وليس لهم من قدرة على إخفاء حنقهم… تفجر فيهم زعيقا وولولة وسبابا… وهم أدرى بأن ما لم تفعله حملات التضليل وحملات الإغراء وحملات التباكي التي مارسوها ضد المغرب… لن تفعله الشتائم ولن يفعله الكلام السوقي والساقط…
المغرب في موقعه الصحيح لمجرى التاريخ، وهو فيه فاعل… يتقدم، ويقوده جلالة الملك محمد السادس، بتلك الحكمة المنتجة والدراية المقنعة والأناة الموصلة، التي يخدم بها شعبه ليسمو به… ويبادله شعبه التكريم بأن يضعه في أعلى مدارج السمو… وللحاقدين كل بحار العالم ليشربوها، وليطفؤوا بها لهيب حقدهم فيهم…