المغرب أمام تحديات الشيخوخة الديمغرافية.. ضغط على الصحة والتقاعد وتراجع التضامن الأسري

المغرب أمام تحديات الشيخوخة الديمغرافية.. ضغط على الصحة والتقاعد وتراجع التضامن الأسري

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن المغرب يواجه، خلال السنوات المقبلة، تحولات ديمغرافية عميقة تتمثل في تسارع وتيرة شيخوخة السكان، وهو ما يضع البلاد أمام تحديات غير مسبوقة تتعلق بالمنظومة الصحية وأنظمة التقاعد، فضلا عن تراجع أشكال التضامن الأسري التقليدي بفعل التحضر والهجرة وتغير بنية الأسر.

وأوضح المجلس، في تقرير حديث، أن نسبة المسنين (60 سنة فما فوق) سترتفع بشكل متسارع خلال العقدين المقبلين، لتنتقل من حوالي 12% اليوم إلى ما يقارب 23% في أفق سنة 2050. وهو ما يعني أن ما يقرب من ربع سكان المغرب سيكونون من الفئة المسنة، في وقت ما تزال فيه البنيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية غير مهيأة بالقدر الكافي لمواجهة هذا التحول.

وأشار التقرير إلى أن المغرب يجد نفسه أمام خيارين متناقضين:

إما اعتبار الشيخوخة أزمة اجتماعية، تهدد الاستقرار المالي لأنظمة التقاعد، وتضغط بشكل حاد على المنظومة الصحية، وتزيد من هشاشة المسنين في ظل ضعف الدعم الأسري.

أو تحويلها إلى فرصة للتنمية والابتكار، عبر إرساء ما يسميه التقرير بـ”الاقتصاد الفضي”، أي مجموعة الأنشطة والخدمات والمنتجات الموجهة خصيصا لفئة المسنين، بما يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة ويعزز النمو الاقتصادي.

وفي هذا الإطار، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة الإسراع بإصلاح أنظمة التقاعد، وتوسيع التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، وإعادة النظر في السياسات الحضرية لتكون أكثر استجابة لاحتياجات كبار السن، من خلال تهيئة فضاءات عمومية آمنة وسهلة الولوج، وتطوير خدمات النقل والصحة المنزلية والرعاية طويلة الأمد.

كما دعا التقرير إلى بناء شبكة مؤسساتية قوية تعزز إدماج المسنين في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتحافظ على كرامتهم واستقلاليتهم، بما في ذلك دعم الجمعيات والفاعلين المحليين العاملين في المجال، وإطلاق برامج للتكوين المهني في مهن الرعاية الاجتماعية والصحية الخاصة بكبار السن.

ويأتي هذا التحذير في وقت تشهد فيه المملكة تراجعا تدريجيا في معدل الخصوبة، إذ انخفض من 7 أطفال لكل امرأة في سبعينيات القرن الماضي إلى حوالي طفلين حاليا، وهو ما يفسر تقلص قاعدة الهرم السكاني واتساع قمته. كما أن ارتفاع أمد الحياة المتوقع إلى ما يقارب 77 سنة، يعزز بدوره من سرعة الانتقال نحو مجتمع أكثر شيخوخة.

ويخلص المجلس إلى أن “الشيخوخة ليست قدرا محتوما ينبغي الخوف منه، بل فرصة يمكن للمغرب استثمارها لإبداع سياسات جديدة، وتحويل التحديات الديمغرافية إلى رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

راديو بلوس الدارالبيضاء

|

راديو بلوس أكادير​

راديو بلوس الدارالبيضاء​

|

راديو بلوس أكادير​