بمشاركة المغرب..مؤتمر باريس ينجح في جمع أكثر من مليار دولار لمساعدة لبنان
احتضنت العاصمة الفرنسية باريس أمس الخميس مؤتمرا دوليا لمساعدة لبنان الغارق في أزمات سياسية داخلية متواصلة منذ سنوات وحرب بين حزب الله وإسرائيل، دعي إليه نحو 70 بلدا و15 منظمة دولية، ونجح في جمع نحو مليار دولار من المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية في لبنان ودعم جيشه.
ونجح المؤتمر في جمع نحو 800 مليون دولار، إضافة إلى نحو 200 مليون دولار للجيش اللبناني، وفق ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو.
وقال بارو: “تجاوبنا مع النداء الذي وجهته الأمم المتحدة عبر إعلان مساهمات حيوية (بقيمة) 800 مليون دولار، تضاف إليها مساهمات عينية كبيرة”، مؤكدا أن المجتمع الدولي كان “على قدر الرهان”.
وكان ماكرون أكد أن فرنسا ستقدم 100 مليون يورو “وتساهم في تجهيز الجيش اللبناني” في إطار العمل على تعزيز انتشاره في جنوب لبنان متى تمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وتعهدت ألمانيا تقديم 96 مليون يورو (103 ملايين دولار) للبنان، بحسب ما أكدت وزارة الخارجية في برلين. ومن المفترض أن تتيح المساعدات تقديم الدعم للنازحين.
كما أكدت باريس التزامها بدعم الجيش اللبناني من خلال المساهمة في تجنيد 6 آلاف فرد إضافي فيه، بهدف تعزيز قدرته على حفظ الأمن والاستقرار، خاصة في الجنوب.
وشدد ماكرون مجددا على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، موجها دعوة للأطراف المتنازعة، بما في ذلك حزب الله وإسرائيل، لوقف العمليات العسكرية. واعتبر أن “الحرب لن تحقق الأمان لأي طرف”، بل إنها تزيد من تفاقم الوضع وتدفع لبنان إلى المزيد من الفوضى.
كما عبر عن شعوره بالأسف لأن “إيران زجت بجماعة حزب الله اللبنانية إلى مواجهة مع إسرائيل”. في الوقت نفسه انتقد الرئيس الفرنسي العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
وإلى جانب الدعم المالي والعسكري، حذر ماكرون من خطر الانزلاق نحو حرب أهلية جديدة في لبنان، مشيرا إلى أن النزوح الجماعي الداخلي، خاصة من الجنوب إلى العاصمة بيروت، قد يزيد من حدة التوترات الطائفية والسياسية القائمة. وأكد أن تقسيم البلاد مجددا على أسس طائفية من شأنه أن يعيدها إلى سيناريوهات الحرب الأهلية المدمرة التي عانى منها لبنان في العقود الماضية.
ودعا ماكرون القادة اللبنانيين إلى إدراك “القيمة الاستثنائية للتنوع اللبناني”، وضرورة الوحدة من أجل مستقبل البلاد، مشددا على أن الحل الوحيد يكمن في الحفاظ على الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتجنب استغلال لبنان كساحة لتصفية حسابات الآخرين.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو عبر منصة إكس: “هذا البلد (لبنان)، صديق فرنسا، هو على شفير الانهيار… من واجبنا أن نتحرك، ولذلك قامت فرنسا بهذه المبادرة”.
ومن جهته، ذكّر ميقاتي بالقرار الأممي 1701 قائلا “يبقى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، بصيغته الحالية، حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان”، وهو موقف يحظى بتأييد واسع خاصة من فرنسا.
وتابع رئيس الوزراء اللبناني: “التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها”.
المغرب، بدوره، دعا إلى وقف كامل لإطلاق النار في لبنان واحترام سيادة هذا البلد ووحدته الترابية وكرامة مواطنيه.
وقال فؤاد يزوغ، السفير والمدير العام للعلاقات الثنائية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ممثل المملكة في المؤتمر الدولي لدعم لبنان، إن لبنان “لا يمكن ولا يجب أن يستمر في تحمل أعباء النزاعات التي تجري في أماكن أخرى، في ظل أجندات إقليمية، والتي تركته منهكا”.
وبعد أن نوه بمبادرة الرئيس ماكرون بتنظيم هذا المؤتمر في سياق دولي وإقليمي مقلق للغاية، يتسم بعمليات عسكرية مستمرة على نطاق لم يشهده لبنان منذ عام 2006، أشار يزوغ إلى أنه “يحق للمواطنين اللبنانيين أن يتطلعوا إلى السلام والأمن والطمأنينة التي انتظروها طويلا”.
وقال إن المغرب يدعو المجتمع الدولي إلى التحرك من أجل التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار تحت مراقبة وإشراف الأمم المتحدة، وعودة كل نازح مع ضمان حماية فعلية وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية تحت الإشراف المباشر للسلطات اللبنانية، وبذل كل الجهود لإعادة بناء ما دمرته الحرب تحت إشراف المجتمع الدولي والمؤسسات الرسمية اللبنانية.
وذكر يزوغ أن رؤية المملكة المغربية التي طرحها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، واضحة في هذا الصدد، مشيرا إلى أنه بالنسبة للمغرب لا يكفي تدبير الأزمة باعتبارها عبئا، بل يجب إيجاد حل نهائي لها، مؤكدا على أن القضية الفلسطينية توجد في قلب هذا المأزق.
وبالنسبة للمغرب، يقول بزوغ، فإن أي حل طويل الأمد، وأي سلام حقيقي في هذه المنطقة، يمر عبر حل الدولتين.
وأكد أنه “بدون فلسطين مستقلة تكون غزة جزءا لا يتجزأ منها، وعاصمتها القدس الشرقية، كما أكد ذلك جلالة الملك في مناسبات عديدة، لن يكون هناك أبدا أمن أو استقرار دائمين”.
وتابع يزوغ أن جلالة الملك مافتئ يؤكد على أن المأزق السياسي حول القضية الفلسطينية يشكل جوهر التوترات التي تعصف بالشرق الأوسط.
وبعد أن جدد التأكيد على تضامن المغرب مع الشعب والحكومة اللبنانيين، شدد السيد يزوغ على أنه من الضروري اليوم، أكثر من أي وقت مضى “أن تسود الحكمة والدبلوماسية”، مشيرا إلى أن “الوقف الفوري للأعمال العدائية في لبنان وغزة يجب أن يكون على رأس أولوياتنا، وهو أمر لا يمكن أن يستمر دون إرساء منظور سياسي مواز من شأنه بناء أسس سلام عادل ومستقر للمنطقة بأسرها”.