يوم المهاجر بالمغرب.. فرصة للاحتفاء بتضحيات الجالية ومطالب بتحسين ظروف العودة
يعتبر يوم المهاجر بالمغرب، الذي يصادف 10 غشت من كل سنة، فرصة للاحتفاء بمغاربة العالم وتقدير تضحياتهم وجهودهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين المغرب ودول العالم.
إلا أن هذا اليوم يأتي في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية متغيرة، حيث يعاني العديد من مغاربة العالم من تحديات متعددة، سواء في بلدان المهجر أو عند عودتهم إلى أرض الوطن.
هذه التحديات لا تتوقف عند حدود دول المهجر، بل تمتد لتشمل المغرب أيضاً، حيث تواجه الجالية المغربية صعوبات مرتبطة بغلاء الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة، حيث يعود العديد من أفراد الجالية إلى المغرب في عطلات الصيف أو المناسبات العائلية ليجدوا أن الأسعار قد ارتفعت بشكل ملحوظ، مما يضع ضغوطاً إضافية على ميزانياتهم.
في هذا الصدد، أعرب محمد وهو أحد المواطنين المغاربة المقيمين هولندا في تصريح للنهار المغربية، عن استيائه من الصعوبات التي يواجهها عند عودته إلى بلده الأم.
وأشار هذا المواطن إلى أن غلاء تذاكر السفر يعتبر تحديًا كبيرًا أمام العديد من المغاربة الذين يرغبون في زيارة وطنهم، حيث أصبحت تكلفة السفر تشكل عبئًا ماليًا ثقيلًا على العديد من الأسر المغربية المقيمة في الخارج.
وأوضح المواطن أن الصعوبات لا تقتصر على غلاء تذاكر السفر فحسب، بل تمتد أيضًا إلى غلاء الأسعار في الفنادق والمطاعم، مما يجعل من الصعب على الزائرين الاستمتاع بإقامتهم بشكل مريح، مبرزا أن الارتفاع المستمر في تكلفة الخدمات السياحية يؤدي إلى تقليص فترة الإقامة، أو حتى التفكير في عدم السفر من الأساس.
وفيما يتعلق بالإجراءات الإدارية، شدد المواطن على أن هناك حاجة ملحة لتحسين تسهيل المساطر داخل الإدارات المغربية، مشددا أن التحديات الإدارية تؤثر بشكل مباشر على تجربة المغاربة القادمين من الخارج، كون هذه الصعوبات تزيد من تعقيد الأمور وتستنزف الوقت والجهد.
وختم المواطن تصريحه بدعوة المسؤولين إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من هذه الصعوبات، بهدف تعزيز الروابط بين المغاربة المقيمين في الخارج ووطنهم، وضمان تجربة سفر وإقامة مريحة للجميع.
من جهتها، قالت فريدة خنيتي برلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية في جهة الشرق، للنهار المغربية، إن الجالية غير فرحة بعودتها للمغرب هذه السنة، مبرزة أن الجالية ككل سنة يدفعها حب الوطن وجمال المغرب إلى زيارة المملكة، إلا أن الغلاء الفاحش عكر هذه الفرحة.
وأضافت المتحدثة، أن أصحاب المطاعم والفنادق والمقاهي، لم يستحضروا الحس الوطني في تعاملهم مع الجالية المغربية، التي تضخ في الاقتصاد الوطني مليارات الدراهم.
وشددت البرلمانية، أن هذا الجشع يدفع العديد من مغاربة العالم في التفكير في العدول عن فكرة زيارة المغرب، وتفضيل قضاء العطلة الصيفية في دول أخرى.
احتفاء بمغاربة العالم
شهدت مختلف جهات المغرب تنظيم لقاءات وندوات جمعت بين ممثلي الجالية المغربية المقيمة في الخارج ومجموعة من الفاعلين المحليين والوطنيين، ركزت هذه الفعاليات على مواضيع متعددة تهم مساهمة الجالية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، مع إيلاء اهتمام خاص لمجال الاستثمار.
في هذه اللقاءات، تمت مناقشة الدور الحيوي الذي تلعبه الجالية المغربية في تحفيز الاستثمارات وتحقيق النمو الاقتصادي، كما تم تسليط الضوء على الفرص المتاحة للاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية بالمغرب، وأهمية استغلال الخبرات والكفاءات التي اكتسبها المغاربة في الخارج للمساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني.
كما تناولت الندوات تحديات وتطلعات الجالية المغربية، حيث تم التأكيد على ضرورة تسهيل المساطر الإدارية وتوفير بيئة مشجعة للاستثمار، كما أكد المشاركون على أهمية دعم الجالية من خلال توفير المعلومات والإرشادات اللازمة للمستثمرين المغاربة المقيمين في الخارج، وذلك بهدف تعزيز الروابط الاقتصادية بين الجالية ووطنها الأم.
هذا وعلى الرغم من الجهود الحكومية الرامية لتحسين ظروف مغاربة العالم، بما في ذلك تسهيل الإجراءات الإدارية وتعزيز خدمات الاستقبال والدعم، إلا أن العديد من أفراد الجالية يرون أن هذه الجهود لا تزال غير كافية.
وتعالت الأصوات مؤخراً مطالبةً بتقديم مزيد من الدعم للجالية المغربية من خلال تخفيف الأعباء المالية وتقديم تسهيلات في مجالات السفر، والسياحة، والاستثمار.
تشجيع الاستثمار والسياحة
أمام هذه الوضع، وتخوف العديد من العائلات من سيناريو أن يتسبب هذا الغلاء في حرمان العديد من مغاربة العالم من زيارة الوطن والأهل والأحباب، طالبت العديد من الأصوات داخل البرلمان الحكومة بالتدخل من أجل حماية جيوب الجالية، خاصة أنهم يساهمون بشكل فعال في ضخ العملة الصعبة في خزينة الدولة.
وفي هذا الصدد، قالت فاطمة التامني، برلمانية عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، لصحيفة “النهار المغربية”، إن الجالية المغربية تضخ أرقاما هامة وكبيرة من العملة الصعبة في الاقتصاد الوطني.
وشددت المتحدثة، أن عملية دخول الجالية المغربية لا تصاحبها استعدادات وقوانين من شأنها أن تشجع على الاستثمار والسياحة.
وأكدت التامني، أن الجالية عند دخولها المغرب تواجه نفس مصير المغاربة من غلاء الأسعار وتردي مستوى المعيشة، الأمر الذي يحد من الترقي داخل المجتمع، وعدم المساهمة في خلق استثمارات داخل البلاد لخلق فرص الشغل والنهوض بالتنمية.
وانتقدت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي بشدة غياب التصور الحكومي لهذه الفئة من المغاربة.
بدورها، صرحت النائبة البرلمانية ثورية عفيف عن المجموعة النيابية لفريق العدالة والتنمية، لــ “النهار المغربية”، أن الحكومة أعلنت منذ بداية ولايتها أنها حكومة اجتماعية إلا أنه العكس هو الذي تبين، كونها لا تفكر إلا في الأغنياء.
وتساءلت النائبة البرلمانية عن أثر المرسوم الذي تداولته الحكومة في المجلس الحكومي، من خلال تقديم دعم لــ “لارام” بقيمة 3.5 مليار درهم، مبرزة أن الحكومة تخصص الدعم كما هو الحال بالنسبة للأغنام إلا أن أثره غائب في الواقع.
وحذرت عفيف من خطر تضارب المصالح الذي أصبح العنوان الأكبر لسير حكومة عزيز أخنوش، قائلة “جل القطاعات طغى عليها خطر تضارب المصالح”.
مرحبا 2024
أفاد وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، في جلسة بمجلس المستشارين، بأن عملية “مرحبا 2024” سجلت عبور حوالي 538 ألف مسافر عبر الموانئ المغربية حتى 15 يوليوز، ما يمثل زيادة بنسبة 4% مقارنة بالفترة نفسها من “مرحبا 2023”.
وأشار الوزير، خلال تقديمه لحصيلة مرحلية للعملية أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية، إلى أن الوزارة ستواصل جهودها المكثفة لضمان مرور أفراد الجالية المغربية في ظروف ملائمة عند عبورهم نقاط الحدود، وذلك من خلال تعزيز التنسيق وتبادل المعلومات واستباق التحديات المرتبطة بتدبير أيام الذروة.
وذكر المسؤول، أن المغرب يتوقع استقبال أعداد كبيرة من أفراد الجالية هذا العام، مشيراً إلى أن الوزارة والمؤسسات التابعة لها عملت على توفير عرض كافٍ من خدمات النقل البحري والجوي والطرقي الدولي لتلبية الطلب المرتفع. كما تم توفير التراخيص اللازمة لشركات النقل المعنية.
وأوضح الوزير أنه تم تعبئة 29 سفينة لتنظيم 535 رحلة بحرية أسبوعية تربط الموانئ المغربية بنظيراتها في إسبانيا، فرنسا، وإيطاليا، مع سعة إجمالية تقدر بـ 487 ألف مسافر و130 ألف سيارة.
وفيما يتعلق بالنقل الجوي، أشار الوزير إلى أنه تم الترخيص لـ 52 شركة لتنظيم 2060 رحلة أسبوعية تربط المغرب بـ 135 مطارًا دوليًا في 52 دولة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 15% مقارنة بالفترة الصيفية لسنة 2023. كما أطلقت الخطوط الملكية المغربية برنامجًا خاصًا بفصل الصيف يوفر أكثر من 6.5 مليون مقعد، بزيادة 300 ألف مقعد عن عام 2023، موزعة على 90 وجهة عبر القارات الأربع.
وفي مجال النقل الطرقي الدولي، تم توفير خدمات النقل عبر 75 شركة، منها 35 شركة مغربية تستغل 69 خطًا تربط المغرب بفرنسا، إسبانيا، إيطاليا، بلجيكا، وهولندا، مع تنظيم 288 رحلة أسبوعية بسعة استيعابية تبلغ 14,400 مقعد.
وعلى صعيد النقل السككي، قام المكتب الوطني للسكك الحديدية بتعزيز العرض ببرمجة 48 قطارًا يوميًا لربط طنجة بمختلف المدن المغربية، بالإضافة إلى 38 قطارًا لربط مطار محمد الخامس على مدار الساعة. كما أطلق المكتب عروضًا خاصة مثل بطاقة “يالا المغرب” التي توفر تخفيضات بنسبة 30%، وتعريفة العائلات “يالا عائلة”، بالإضافة إلى تعزيز فرق الاستقبال والإرشاد في المحطات وعلى متن القطارات.
مغاربة العالم في خدمة الاقتصاد الوطني
كشف مكتب الصرف بأن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت 56,72 مليار درهم عند متم شهر يونيو 2024، مقابل 55,69 مليار درهم خلال الفترة ذاتها قبل سنة.
وأفاد المكتب، في نشرته الأخيرة حول المؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية، أن هذه التحويلات سجلت ارتفاعا نسبته 1,8 في المائة (1,03 مليارات درهم) مقارنة بالأشهر الستة الأولى من سنة 2023.
وتابعت النشرة أن هناك انخفاض فائض ميزان الخدمات بنسبة 5,8 في المائة إلى 58,45 مليار درهم، نتيجة ارتفاع واردات الخدمات (زائد 11,4 في المائة)، الذي فاق ارتفاع صادراتها (زائد 2,8 في المائة).
وبخصوص إيرادات السفر فقد بلغت 49,01 مليار درهم متم يونيو 2024، مقابل 47,91 مليار درهم قبل سنة، فيما بلغت نفقات السفر 14,28 مليار درهم (زائد 13,8 في المائة)، فيما بلغ فائض السفر 34,72 مليار درهم عند متم يونيو الماضي.
ويذكر أن عدد مغاربة العالم المسجلين لدى شبكة قنصليات المملكة بلغ 5.1 ملايين شخص، حسب احصائيات سنة2021، وهو ما يمثل 15% من سكان المغرب.
وحسب البيانات التي نشرها المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي في تقرير له عن المهاجرين، فإن أوروبا تستقبل 89% من المهاجرين المغاربة (4.5 ملايين من المغاربة المسجلين لدى قنصليات المملكة يقيمون في أوروبا)، فيما يتوزع البقية على أكثر من 100 بلد في العالم (في آسيا 202 ألف، وفي أفريقيا 212 ألفا، وفي أميركا 150 ألفا).
وتضم فرنسا أكبر حصة من مغاربة العالم، إذ تجاوز عددهم المليون شخص، وفي إسبانيا بلغ عددهم 900 ألف، أما في بلجيكا فقد بلغ عددهم سنة 2021 حوالي 570 ألفا، وهو ما يمثل 5% من تعداد سكان هذا البلد، وفي هولندا يوجد حوالي 415 ألف مغربي، وفي إيطاليا 423 ألفا.