نهضة كروية مغربية تتواصل بعد تتويج منتخب أقل من 20 سنة بكأس العالم في تشيلي وتعزيز سجل الإنجازات القارية
نهضة كروية مغربية تتواصل بعد تتويج منتخب أقل من 20 سنة بكأس العالم في تشيلي وتعزيز سجل الإنجازات القارية

يشهد مسار المنتخبات الوطنية في كرة القدم، بمختلف فئاتها، دينامية لافتة رسخها تتويج المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بكأس العالم في تشيلي، في لقب تاريخي هو الأول عربياً ومغاربياً.
ويأتي هذا الإنجاز ليعزز حصيلة السنوات الأخيرة، حيث رفعت المنتخبات المغربية رصيدها بثلاثة ألقاب إفريقية (2018 و2020 و2025)، إلى جانب تتويج فئتي أقل من 17 و23 سنة بكأسي إفريقيا، ثم برونزية أولمبياد باريس 2024، والمركز الرابع في كأس العالم قطر 2022. كما واصلت منتخبات السيدات وكرة الصالات تحقيق نتائج بارزة قارياً وعالمياً.
البنية التحتية والتكوين
المدرب المغربي علي المصباحي أوضح للأناضول أن هذا التطور لم يأت اعتباطاً، بل يعكس رؤية طويلة الأمد تقوم على تحديث البنية التحتية وتطوير منظومة التكوين.
وأشار إلى أن المغرب أطلق مشاريع متعددة تشمل ملاعب ومرافق طبية وطرقاً وسككاً حديدية، استعداداً لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2025، ثم كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال، وهو ما يعد فرصة لتعزيز المكاسب الاقتصادية والسياحية.
وأكد المصباحي أن جاهزية المنشآت الرياضية في مدن مثل طنجة والرباط ومراكش وأكادير ساهمت في استقطاب تظاهرات كروية كبرى، بما يعكس الثقة التي يمنحها “فيفا” و“الكاف” للمغرب.
ولفت إلى أن الجامعة الملكية لكرة القدم عملت منذ أكثر من عقد على إصلاحات كبيرة، جعلت إنجاز نصف نهائي مونديال قطر 2022 محطة مفصلية لبقية المنتخبات. وأضاف أن الاعتماد على أطر تقنية محلية كان عاملاً أساسياً في بلوغ العديد من النجاحات.
كما أشاد ببرنامج تكوين المدربين، وتطوير فئات الشباب داخل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، إلى جانب دمج خبرات اللاعبين المحترفين بالخارج وما يتمتعون به من انضباط وروح تنافسية.
ومن المقرر أن تستضيف ست مدن مغربية مونديال 2030، هي: الرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس ومراكش وأكادير.
استراتيجية واضحة
الباحث المتخصص في السياسة الرياضية منصف اليازغي يرى أن الإنجازات الحالية جاءت نتيجة عمل ممتد لسنوات وفق استراتيجية محددة الأولويات.
وقال إن المغرب اشتغل على الأطر القانونية والتكوين والبنية التحتية، موضحاً أن التكوين شمل اللاعبين والمدربين في إطار رؤية بحثت عن صناعة جيل قادر على المنافسة.
وذكّر بأن أكاديمية محمد السادس، التي انطلقت سنة 2009، شكلت إحدى أدوات هذه الرؤية، إذ تجمع بين التأهيل الرياضي والتعليم والسكن للفئات ما بين 13 و18 سنة. وبرز أول ثمارها في كأس إفريقيا 2017 بظهور يوسف النصيري المنحدر منها.
وأضاف أن الأكاديمية تحولت اليوم إلى مورد أساسي للمنتخبات الشابة، بعدما كانت المنتخبات المغربية قبل 2017 تجد صعوبة في تجاوز الأدوار الأولى قارياً ودولياً.
وصفة النجاح
اليازغي اعتبر أن نجاح المنتخبات يعود إلى مزيج يجمع مدربي الأكاديمية، واللاعبين المحترفين من أبناء الجالية، وعناصر البطولة الوطنية، وهو ما خلق توازناً أفرز نتائج إيجابية مستفيدة من تراكم سنوات التكوين.
وفي السياق ذاته، أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، في أكتوبر الماضي، أن المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها استعداداً لمونديال 2030 ستوفر فرص شغل وتساهم في تحريك النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن احتضان كأس العالم يعكس رؤية استراتيجية وانفتاحاً على العالم.
تحديات البطولة المحلية
ورغم هذه الإنجازات، يشدد اليازغي على أن البطولة الوطنية تمر بمرحلة صعبة، متحدثاً عن إشكالات تنظيمية وقانونية وعقوبات متكررة.
ودعا إلى إصلاح حكامة الأندية ووضع تصور جديد لتطوير الدوري بعد نهاية كأس إفريقيا 2025، بهدف الحفاظ على الزخم وربط مسار المنتخبات بالبطولة المحلية.



