فرار ”ناصر الجن” الرئيس السابق لاستخبارات الجزائر على متن قارب “حَرّاگة”
فرار ناصر الجن الرئيس السابق لاستخبارات الجزائر على متن قارب "حَرّاگة"

شهدت الجزائر، الخميس، حالة استنفار قصوى بعد أنباء عن فرار عبد القادر حداد، المعروف بـ”ناصر الجن”، الرئيس السابق للمديرية العامة للأمن الداخلي، على متن قارب “حَرّاگة” باتجاه إسبانيا. ويُعتبر الرجل أحد أبرز ضباط الاستخبارات وأكثرهم اطلاعاً على أسرار الدولة، ما جعل الحادثة بمثابة زلزال داخل النظام.
وأكدت مصادر متقاطعة أن ناصر الجن، الذي أُقيل من منصبه في ماي الماضي، تمكن من مغادرة مكان احتجازه، سواء كان سجناً كما يُشاع، أو إقامة جبرية كما يقول آخرون. وتشير المعطيات إلى أنه لم يرحل بمفرده، بل كان برفقة مجموعة من الضباط، ويرجّح أن يكون قد بلغ وجهته بالفعل.
وبحكم مكانته داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، اعتُبر تنظيم عملية فراره أمراً يسيراً بالنسبة له. فالرجل يمتلك شبكة واسعة من النفوذ والعلاقات، إضافة إلى عقارات ووثائق إقامة قانونية في إسبانيا، التي وُصفت بأنها “أرضه الثانية”.
لكن في المقابل، لم يُستبعد احتمال وجوده لا يزال داخل التراب الجزائري، في انتظار ساعة الخروج النهائي. هذا الاحتمال دفع السلطات إلى تطويق العاصمة الجزائرية بالكامل، ونصب حواجز على الطرق والمطارات والموانئ، فضلاً عن تعزيز المراقبة على الحدود، خاصة مع المغرب.
وبالتوازي مع الإجراءات الأمنية، عقد المجلس الأعلى للأمن اجتماعاً طارئاً خُصص بشكل كبير لملف هروب ناصر الجن. فيما يجد الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، الملقب بـ”الجنرال حسن”، نفسه أمام امتحان عسير: مواجهة أزمة داخل جهازه، وتفادي تسريب أسرار حساسة، والسعي لإلقاء القبض على سلفه وشريكه السابق في شبكة المؤامرات التي نُسجت داخل الاستخبارات بقيادة محمد مدين “توفيق”.
الوضع يزداد خطورة بالنسبة للنظام الجزائري، خاصة وأن فرار شخصية بحجم ناصر الجن يهدد بكشف “صندوق أسرار” يضم تفاصيل دقيقة عن الدولة ورجالاتها. كما أن أي دولة قد تمنحه اللجوء مقابل الإفصاح عن هذه المعلومات.
وتاريخ الرجل يزكي هذا الخطر، إذ كان فاعلاً رئيسياً في “العشرية السوداء”، حيث ارتُبط اسمه بعمليات دامية أودت بحياة الآلاف. وهو ما يثير قلق شركائه السابقين، وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش الحالي، السعيد شنقريحة.
ويرى متابعون أن هذه التطورات ما هي إلا نتيجة لسياسة النظام القائم، الذي فقد شرعيته وفرض أسلوب حكم مبني على التغييرات المستمرة في المناصب العليا. والدليل تعاقب نحو عشرين مديراً على أجهزة الاستخبارات في ظرف خمس سنوات.
وإلى جانب ذلك، أسهمت الإقامات الجبرية المفروضة على كبار المسؤولين السابقين، ومنع الجزائريين من حرياتهم الأساسية، في تصاعد موجة “الحَريگ” التي لم تعد حكراً على الشباب، بل صارت تشمل حتى وجوهاً من صلب النظام ذاته.



