منذ 1999.. المغرب ينفذ تحولا عميقا في البنيات التحتية لتعزيز الجاذبية الاقتصادية
منذ 1999.. المغرب ينفذ تحولا عميقا في البنيات التحتية لتعزيز الجاذبية الاقتصادية

منذ تربع الملك محمد السادس على عرش البلاد سنة 1999، دخل المغرب مرحلة تنموية جديدة مبنية على رؤية شاملة، جعلت من البنيات التحتية إحدى الدعائم المركزية للنهوض الاقتصادي والاجتماعي، وسبيلا للتموقع ضمن قائمة الدول الصاعدة.
وشهدت البلاد طفرة كبيرة في مشاريع البنية التحتية، شملت تطوير الطرق والموانئ والمطارات وتعزيز الشبكات الرقمية والطاقية، ما عزز من تنافسية الاقتصاد الوطني وربطه بمحيطه الإقليمي والدولي.
ويؤكد رشيد الساري، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن المغرب اعتمد، لأكثر من 25 سنة، استراتيجية ترى في البنية التحتية وسيلة لتحقيق العدالة المجالية، وجذب الاستثمارات، وخلق مناصب شغل، وذلك ضمن رؤية متكاملة تخدم أهدافا تنموية كبرى.
📍 الطرق.. بنية لخدمة العدالة المجالية
أعطى المغرب أهمية كبرى لشبكة الطرق، باعتبارها ركيزة لتحفيز الاقتصاد المحلي وتسهيل تنقل الأشخاص والبضائع.
فطول الطرق السيارة ارتفع إلى 1800 كيلومتر، والطرق السريعة تجاوزت 2177 كيلومترا، بينما تفوق الشبكة الوطنية 57 ألف كيلومتر، منها أكثر من 45 ألف معبدة.
ومن المشاريع البارزة، طريق تزنيت – الداخلة، الذي يمتد على 1055 كلم بكلفة 9 مليارات درهم، ويشكل حلقة وصل بين الجنوب وباقي جهات المملكة، ورافعة استراتيجية ضمن مشروع ميناء الداخلة الأطلسي.
وأشار الساري إلى أن هذه المشاريع لا تستهدف فقط تقليص مدة السفر، بل تهدف إلى تنشيط الاقتصاد المحلي عبر تحفيز الاستثمار وربط المحاور الطرقية بالموانئ والمناطق الصناعية.
ومن المشاريع الحالية: توسيع محور الدار البيضاء – برشيد، وتثليث الطريق السيار نحو الرباط، وكذا الطريق السيار بين جرسيف والناظور الذي يمتد على 104 كلم بكلفة 7,9 مليار درهم.
كما تم إطلاق برنامج لتأهيل الطرق بـ30 مدينة استعدادا لكأس العالم 2030، بغلاف مالي يبلغ 12,5 مليار درهم، وصيانة سنوية تصل إلى 3 مليارات درهم.
🚄 النقل السككي.. قفزة نوعية مع “البراق”
شكل تدشين القطار فائق السرعة “البراق” عام 2018 تحولا جذريا في منظومة النقل السككي، حيث خفض زمن الرحلة بين طنجة والدار البيضاء إلى ساعتين و10 دقائق، بسرعة 320 كلم/س، وبتكلفة بلغت 23 مليار درهم.
ويمثل “البراق” خطوة نحو شبكة سككية أوسع، تشمل تجديد الأسطول، وتحسين الخدمات، وربط المزيد من المدن، في انسجام مع أهداف التنمية المستدامة وتقليص الانبعاثات.
وفي أبريل 2025، أطلق الملك محمد السادس مشروع الخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، بطول 430 كلم وسرعة 350 كلم/س، باستثمار إجمالي يبلغ 53 مليار درهم، ضمن برنامج يتضمن أيضا شراء 168 قطارا، وتحديث الشبكة بقيمة إجمالية تصل إلى 96 مليار درهم.
وأوضح الساري أن هذه المشاريع توفر آلاف فرص العمل، وتعزز الاندماج المحلي بنسبة تفوق 40 في المئة، مع تقليص الانبعاثات الغازية مقارنة بالسيارات والطائرات.
⚓ الموانئ.. تعزيز تموقع المغرب بين القارات
شهدت الموانئ المغربية تطورا لافتا، على رأسها ميناء طنجة المتوسط، الذي صنف في 2023 رابع مرفأ عالمي من حيث الربط البحري، والأول إفريقيا في مناولة الحاويات بأزيد من 10 ملايين حاوية سنويا.
ويعتبر الميناء منصة صناعية متكاملة تستقطب شركات عالمية، وتشغل آلاف العمال، وترتبط بـ180 ميناء في 70 بلدا.
في الجنوب، يتم إنجاز ميناء الداخلة الأطلسي كرافعة تنموية جديدة، سيوفر ما بين 80 و100 ألف وظيفة، وسيجلب استثمارات صناعية وطاقية، في انسجام مع التوجه الملكي نحو التكامل الإفريقي.
كما ينتظر أن يدخل ميناء الناظور غرب المتوسط حيز الخدمة نهاية 2026، من أجل تخفيف الضغط عن طنجة المتوسط ودعم التنمية الاقتصادية للجهة الشرقية، عبر استثمارات تفوق 80 مليار درهم.
وتم أيضا تحديث موانئ الدار البيضاء، الجرف الأصفر، وآسفي، من خلال تحسين الأرصفة وربطها بشبكات الطرق والسكك وتطوير البنية الرقمية.
🛫 المطارات.. بوابة لتطوير السياحة
تندرج مشاريع المطارات ضمن مخطط “مطارات 2030″، الذي يروم رفع الطاقة الاستيعابية إلى 80 مليون مسافر سنويا.
يشمل البرنامج توسيع مطار محمد الخامس ليصل إلى 40 مليون مسافر في أفق 2029، ومطار مراكش إلى 16 مليون سنة 2028، إلى جانب تحديث مطارات فاس، طنجة، أكادير، والرباط.
ويرتبط هذا التوجه بتوسيع أسطول الخطوط الملكية المغربية إلى 100 طائرة، وتحسين تجربة المسافرين عبر رقمنة المسارات.
وأكد الساري أن هذه المشاريع تندرج ضمن رؤية لتحويل المغرب إلى منصة جوية إفريقية، خصوصا في أفق تنظيم كأس العالم 2030.
🏗️ بنية تحتية متكاملة تدعم الاستدامة والاندماج
يشير رشيد الساري إلى أن المرحلة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس تمثل نقطة تحول استراتيجية، حيث أصبحت البنية التحتية أداة لخدمة أهداف كبرى في الاستدامة والاندماج الاقتصادي.
ويشمل هذا المسار إنجاز 149 سدا بكلفة 141 مليار درهم، وتطوير الصناعة عبر مناطق التسريع، والتحول الرقمي نحو شبكة الجيل الخامس، إلى جانب تجهيزات رياضية وسياحية استعدادا للمونديال.



