مسار ملكي حافل بالإصلاحات: من الإنصاف والمصالحة إلى التغطية الاجتماعية ومونديال 2030

مسار ملكي حافل بالإصلاحات: من الإنصاف والمصالحة إلى التغطية الاجتماعية ومونديال 2030

منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش في 30 يوليوز 1999، انطلقت سلسلة من الأوراش الكبرى التي شملت مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مكرسة مسارًا إصلاحيًا شاملاً ومتواصلاً.

في مقدمة هذه الإصلاحات، جاء ملف حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية، حيث أُحدثت هيئة الإنصاف والمصالحة بقرار ملكي صدر في 7 يناير 2004، بناء على توصية من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان آنذاك.

وأضفى الملك طابعًا تاريخيًا على هذه الهيئة، باعتبارها لجنة للحقيقة والإنصاف والمصالحة، وأسند إليها مهاماً كبيرة لمعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة.

وشكلت هذه الهيئة أحد تجليات العدالة الانتقالية، بعدما تمخضت عن نقاشات واسعة بين القوى السياسية والمجتمع المدني والضحايا، بهدف إيجاد حلول عادلة ومنصفة للملفات المرتبطة بالماضي الحقوقي.

كما شهدت تلك الفترة خطوة هامة على مستوى التشريع الأسري، حيث صدر القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة (عوض مدونة الأحوال الشخصية سابقًا) بظهير شريف بتاريخ 3 فبراير 2004، حاملاً تحولًا نوعيًا لصالح حقوق النساء والأطفال.

في سنة 2005، أعطى جلالة الملك انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي شكلت قاطرة لتقليص التفاوتات الاجتماعية والمجالية، ورافعة للإدماج الاقتصادي والبشري، عبر إدماج الإنسان في صلب السياسات العمومية، وتعزيز التنسيق بين الفاعلين الترابيين والقطاعات الحكومية لضمان الالتقائية والفعالية في تنفيذ المشاريع.

وفي سياق الدفاع عن الوحدة الترابية، قدم المغرب سنة 2007 مقترح الحكم الذاتي كحل سياسي لإنهاء النزاع حول الصحراء، مانحًا للساكنة إمكانية تدبير شؤونها المحلية في إطار يحترم الخصوصيات الثقافية ويكرس الديمقراطية.

وقد شهد هذا المقترح دعمًا متزايدًا خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عدد الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي إلى 123 دولة، بما يفوق 60 في المئة من أعضاء الأمم المتحدة، وخاصة بعد التطورات الإيجابية التي عرفها الملف منذ أبريل 2025.

وفي 2011، دخل المغرب محطة دستورية جديدة، عقب الخطاب الملكي التاريخي في 9 مارس، الذي أعلن فيه عن مراجعة دستورية شاملة.

وقد تُوج هذا المسار بخطاب 17 يونيو من العام ذاته، الذي قدم أبرز ملامح الدستور الجديد، تلاه استفتاء شعبي يوم فاتح يوليوز 2011.

الدستور الجديد تميز بتكريس الحريات، وتقوية الجهوية، واستقلالية القضاء، والمساواة بين الجنسين، كما نص على التعددية اللغوية، وكرس الطابع الرسمي للغتين العربية والأمازيغية. وأحدث هيئة للمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، مع تأكيد مبدأ فصل السلط وسيادة القانون.

كما عزز الدستور مبادئ الحكامة والشفافية، والاقتصاد الاجتماعي، وحرية المبادرة والمنافسة، ووضع أسسًا جديدة لتوزيع الصلاحيات بين الدولة والجهات.

وفي الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2019، دعا الملك إلى إطلاق نموذج تنموي جديد يتجاوز الأعطاب السابقة ويؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاح. وتم تقديم تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في 25 ماي 2021، والذي أبرز محدودية النموذج التقليدي في ظل التحولات العالمية، داعيًا إلى إشراك أوسع للقطاع الخاص والمجتمع المدني في مسار التنمية.

الإنجازات الملكية لم تقتصر على الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، بل شملت مشاريع ضخمة في البنيات التحتية مثل الموانئ والمطارات والطرق والقطار فائق السرعة، إلى جانب مشاريع في الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر.

كما شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة تطورًا في الصناعات الحديثة كالسيارات والطيران، وتوسيع التغطية الاجتماعية، وإطلاق برامج دعم مباشر في مجالات متعددة.

وتوّج هذا المسار التنموي بمنح المغرب شرف تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، في خطوة تعزز موقع المملكة على الساحة الدولية، وتدفع نحو تعزيز البنيات التحتية في إطار رؤية تنموية شاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

راديو بلوس الدارالبيضاء

|

راديو بلوس أكادير​

راديو بلوس الدارالبيضاء​

|

راديو بلوس أكادير​