إسرائيل على صفيح ساخن.. إضراب عام ومظاهرات حاشدة تجتاح البلاد
أعلن رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في إسرائيل “الهستدروت” صباح الاثنين أنه سينسق إضرابا عماليا بعيد المدى من أجل منع تمرير تشريع الإصلاح القضائي للحكومة والذي يلقى رفضا واسعا في البلاد منذ ثلاثة أشهر، في مؤشر جديد على تزايد الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي رفض لغاية الآن أية تنازلات.
وينضم بذلك أكبر تحالف نقابي في إسرائيل للحركة الاحتجاجية المتواصلة ضد خطة نتنياهو لإصلاح القضاء وهي خطة تواجه معارضة غير مسبوقة.
وجاء هذا الإعلان بعد ليلة مظاهرات حاشدة استمرت إلى ساعات الصباح الأولى من اليوم الإثنين، بمشاركة أزيد من 600 الف شخص في سائر المدن الإسرائيلية رفضا للإصلاحات، وبعد أن أقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، القيادي البارز في حزب الليكود، والذي دعا علانية إلى وقف تشريع تلك الإصلاحات.
وخلال مؤتمر صحفي، قال رئيس الهستدروت، أرنون بار ديفيد، معلنا الإضراب العام “إنني أدعو رئيس الوزراء لوقف التشريع قبل فوات الأوان”.
وأضاف “بنينا الدولة معا، حاربنا كورونا معا، قاتلنا معكم لإنقاذ دولة إسرائيل، من أجل ماذا؟ لدينا مهمة لوقف هذه الموجة من التشريعات. سوف نفوز ونوقف هذه الموجة. وسنعيد دولة إسرائيل إلى عقلها”.
وقال: لم أكن أريد أن نصل إلى هذه المواجهة، لقد حاولت قدر المستطاع تجنب الإضراب والإغلاق، لكن من المستحيل البقاء في مواجهة هذا الاستقطاب الذي يمزق المجتمع الإسرائيلي. واليوم نواجه لحظات تاريخية وإضراب تاريخي يتكاتف فيه أرباب العمل والعمال في دولة إسرائيل، ويغلقون دولة إسرائيل”.
وأضاف: “إن إقالة وزير الدفاع الليلة الماضية أشعلت الضوء الأحمر بالنسبة لي… ما نحن، جمهورية موز؟ ما هذا؟ الليلة الماضية تم تجاوز كل الخطوط الحمراء وأدعو رئيس الوزراء إلى إعادة النظر في إقالة وزير الدفاع “.
وفي غضون ذلك، أعلنت الجامعات الدخول في إضراب عام، وكذلك نقابة الأطباء التي قررت وقف نظام الرعاية الصحية حتى الإعلان عن مسار واضح وجاد من المفاوضات بشأن الإصلاحات القضائية.
ويشمل الإضراب جميع المستشفيات العامة وجميع العيادات المجتمعية، وأيضا قطاع البنوك.
كما توقفت الرحلات الجوية المغادرة في مطار بن غوريون بتل أبيب حتى إشعار آخر، فيما سمح فقط بنزول الرحلات التي توجد في الجو، وهو ما أثر على الآلاف من المسافرين.
وأعلن اتحاد السلطات المحلية الإسرائيلي، الذي يضم جميع البلديات والمجالس المحلية، أنه سينضم إلى الإضراب العام، وتوقف العمل في المؤسسات المحلية ما في ذلك رياض الأطفال والمصالح البلدية.
وقال حاييم بيباس، رئيس سلطة البلديات، “إننا ملزمون بالتحرك الفوري” ودعا رئيس الوزراء نتنياهو إلى وقف التشريع فور ا وإلغاء إقالة وزير الدفاع.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت نقابة المحامين عن انضمامها إلى الإضراب الذي سيشمل، من بين أمور أخرى، المساعدين القانونيين للقضاة والمحامين العامين والمحامين في مختلف إدارات وزارة العدل.
وارتفعت وتيرة رفض خطة نتنياهو للإصلاحات القضائية بعد إقالته يوم الأحد لوزير الدفاع، بعد أن طالب بتجميد الخطة وفتح مناقشات، مثيرا بالخصوص مخاوف كبيرة لدى المؤسسة العسكرية بشأن الإصلاحات.
وخرج أكثر من 600 ألف متظاهر في العديد من المدن وهو يهتفون “البلد مشتعل”. واستمرت المظاهرات إلى ساعات الفجر الأولى، فيما ضربوا من جديد موعدا للتظاهر في الثانية بعد زوال اليوم الإثنين في مختلف المدن وأمام مقر البرلمان الكنيسيت من أجل مزيد من الضغط على الحكومة.
وصباح اليوم الإثنين دعا الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ الذي لديه دور بروتكولي فحسب، الحكومة إلى “الوقف الفوري” لمشروع الإصلاح.
وقال هرتسوغ في بيان “رأينا الليل الماضي مشاهد صعبة للغاية.. يعتري قلق عميق الأمة برمتها. يتعرض أمننا واقتصادنا ومجتمعنا للتهديد”، داعيا “رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والأغلبية” إلى التحرك.
وقال هرتسوغ “باسم وحدة شعب إسرائيل (..) أدعوكم إلى الوقف الفوري” للمسار التشريعي الذي يثير انقسامات في البلاد.
وأدخل الإصلاح، الذي يقوده نتنياهو، الذي يحاكم بتهمة الفساد، وحلفاؤه في أكثر حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل على الإطلاق، البلاد في واحدة من أسوأ أزماتها الداخلية. وامتدت الاحتجاجات المكثفة والمتواصلة إلى جميع قطاعات المجتمع تقريب ا، بما في ذلك الجيش، حيث خرج جنود الاحتياط علن ا ليقولوا إنهم لن يخدموا بلد ا يتجه نحو الاستبداد.
وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية تنظم هذه المظاهرات بانتظام تعبيرا عن القلق بشأن ما تعتبره المعارضة انحدارا نحو الاستبداد وتدميرا لنظام فصل السلط.
ويوم الخميس الماضي أقر البرلمان الإسرائيلي الكنيست قانونا يمنع المدعي العام فعليا من إعلان رئيس الوزراء غير لائق لشغل المنصب وهو الجزء الأول من هذه الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل.
وبموجب هذا القانون، أصبحت هناك طريقتان فقط لإعلان أن رئيس الوزراء غير لائق للمنصب الأولى هو إعلان رئيس الوزراء نفسه أنه غير لائق جسدي ا أو عقلي ا لأداء دوره، والثانية إعلان الحكومة عدم أهليته بسبب مشاكل صحية يدعمها ثلاثة أرباع الوزراء أو ثلثا أعضاء الكنيست.
وتنظر المعارضة إلى هذا القانون على أنه صمم خصيصا لتحصين بنيامين نتنياهو الذي مايزال يحاكم أمام محكمة في القدس بتهم فساد وخيانة الأمانة. وبالتالي يمنع التعديل الجديد المدعية العامة من الإعلان عن تعذر رئيس الحكومة عن القيام بمهامه، وتنحيته من منصبه.
ويواجه نتنياهو تهما بالاحتيال وخيانة الأمانة وقبول رشاوى في ثلاث قضايا منفصلة تشمل شركاء أثرياء ورجال إعلام ذوي نفوذ.
كما ينص التعديل على أن المحكمة العليا لا يمكنها النظر في التماس يطالب بالإعلان عن التعذر أو المصادقة عليه، رغم أن النائبة العامة غالي بهاراف ميارا، أعربت عن معارضتها لمنع المحكمة من القيام برقابة قضائية، والتعبير عن موقفها القانوني في هذا الشأن.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية يمنع القانون إعلان عدم أهلية نتنياهو للمنصب حتى لو خالف اتفاقية تضارب المصالح التي وقعها في عام 2020 ووافقت عليها المحكمة العليا وتنص على أنه يجب (على نتنياهو) ”تجنب أي تدخل في الأمور المتعلقة بأنشطة لجنة التعيينات القضائية وفي جميع الأمور المتعلقة بقضاة المحكمة العليا والمحكمة المركزية في القدس” لأنه يواجه المحاكمة بتهم جنائية.
ومن المفترض اليوم الإثنين أن يصادق الكنيست على مشروع قانون يمنح الائتلاف أغلبية في لجنة اختيار القضاة، وهي خطوة أخرى ينظر إليها من قبل كثيرين على أنها اعتداء على صلاحيات المحاكم، وسيطرة سياسية عليها بما أن الحكومة سيكون لها الكلمة الفصل في جميع التعيينات القضائية.
ووافقت لجنة برلمانية على هذا التشريع اليوم الاثنين قبل عرضه للتصويت النهائي.
ومن بين التشريعات الأخرى التي ستطرحها الحكومة خلال هذا الأسبوع الحاسم قبل عطلة الكنيسيت بمناسبة عيد الفصح في 2 أبريل قانون يمنح البرلمان سلطة إلغاء قرارات المحكمة العليا والحد من المراجعة القضائية للقوانين.
ومع