بعد “المصالحة”.. السجون المغربية بلا نساء متابعات بقضايا الإرهاب
بلغ عدد المستفيدين من برنامج “مصالحة” الذي أطلقته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قبل ست سنوات، بهدف إعادة تأهيل المعتقلين في إطار قانون مكافحة الإرهاب، 301 نزيل، حيث من المقرر أن يستفيد 22 نزيلا من الدورة الثالثة عشر التي انطلقت اليوم الإثنين بالسجن المحلي بسلا.
وقال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد العبادي، إن الاستمرار في تنفيذ برنامج مصالحة والرفع من عدد المستفيدين منه سنويا مرده بالأساس إلى نجاح البرنامج وتحقيقه للأهداف المرجوة منه، مشيرا إلى أن 279 نزيلا شارك في الدورات الـ12 من البرنامج منذ انطلاقه سنة 2017.
وأشار في كلمة له، إلى أن الدورة 13 ستعرف مشاركة 22 نزيلا ليصل عدد المشاركين 301، مسجلا أنه وفي إطار مقاربة النوع استفادت 12 نزيلة من البرنامج وأفرج عنهن جميعهن، وتم بتاريخ 07 يوليوز 2023 إعلان سجون خالية من النساء المتابعات بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
كما لفت العبادي إلى أن النسخة الحالية التي أعلن عن انطلاقتها اليوم، تأتي في سياق خاص مرتبط “بإحداث مركز مصالحة” الذي تم الإعلان عنه بموجب اتفاقية شراكة الموقعة بتاريخ 02 نونبر الفارط، وذلك تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، معتبرا أن هذا المركز تتويج للبرنامج التأهيلي مصالحة الذي دام لمدة سبع سنوات، ورسملة لهذه التجربة الرائدة وإضفاء المزيد من الفعالية على الشراكة المؤسساتية القائمة بين القطاعات المعنية للمساهمة في إنجاح واستمرارية هذا البرنامج الفريد.
وأبرز أن المركز يهدف كذلك إلى المساهمة في استكمال الجهود المبذولة في إطار الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب والتطرف وتعميق التجربة التي راكمتها المملكة المغربية في هذا المجال، وصياغة برامج خاصة بالوقاية من مخاطر السقوط في التطرف العنيف، وإحداث نظام لليقظة واتخاذ التدابير الممكنة لحماية المحيط الأسري المباشر من خطر تبني الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية وندوات ولقاءات علمية وإعداد والنشر الدراسات والأبحاث العلمية والمساهمة والمشاركة في الندوات واللقاءات والمؤتمرات ذات صلة بأهداف المركز.
وتابع: “إحداث مركز مصالحة مبعثه الاقتناع بالدور الفعال الذي سيلعبه في مكافحة التطرف العنيف وأيضا تأهيل نزلاء المؤسسات السجنية وتأهيلهم بما يجعلهم يتخلون عن أفكارهم وتوجهاتهم المتطرفة وينبذون العنف ويسلكون مسلك الوسطية والاعتدال”.
كما نبه النزلاء المشاركين في البرنامج هذا العام إلى أن الهدف من هذا البرنامج التأهيلي “هو تمكينكم من التعبير عما أصبحتم عليه من وعيا بضرورة إصلاح ما اقترفتموه في حق أنفسكم وفي حق دينكم ومجتمعكم وعبرتم عن ذلك من خلال استعدادكم للانفتاح على تصورات جديدة وعن إرادتكم في إعادة الاندماج الفعلي والحقيقي في المجتمع من خلال إجراء مصالحة حقيقية مع الذات ومع الدين ومع المجتمع”.
ودعا النزلاء إلى الالتزام التام بالمشاركة النشيطة والفعالة في الأنشطة المدرجة في البرنامج بما يساهم في تمكينهم من تملك الأدوات الضرورية لبناء قدراتهم الذاتية ومن تصحيح مسار حياتهم على نحو سليم وفعال ومنتج.
وسجل أن هذا البرنامج التأهيلي يخضع لتقييم مستمر من أجل معرفة مدى انخراط النزلاء فيه مع اتخاذ الإجراءات الملائمة في الحالات التي يتبين فيها عدم التفاعل الإيجابي مع أنشطته وعدم احترام الشروط التي أنبني عليها ترشيحكم للمشاركة فيه، مؤكدا أن “مصالحة” هو، كما كان من قبل، برنامج تأهيلي يمكّن النزلاء المعنيين من إصلاح ذواتهم وإعادة تأهيل أنفسهم.
وقال إن البرنامج يقوم بالأساس على “المصالحة مع الذات من خلال إكسابها كفاءات معرفية وسلوكية تمكنها من إعادة البناء؛ والمصالحة مع النص الديني من خلال العودة إلى الفهم الصحيح لتعاليمه وروحه المبنية على الاختلاف والتسامح والانفتاح، واكتساب المعارف الضرورية لفهم النص الديني من داخل المرجعية الدينية للمملكة.
كما يقوم البرنامج، بحسب ما جاء في كلمة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إلى المصالحة مع المجتمع وذلك بإكساب النزلاء المهارات والكفاءات الضرورية لاستغلال أنسب لما يتوفرون عليه من قدرات ومؤهلات، في إطار بناء مشروع ذاتي أو مجتمعي لا يسعى فقط إلى تحقيق الاستقلالية المادية، وانما يرمي أيضا إلى تسخير القدرات الذاتية لخدمة المحيط الاجتماعي بما يحقق المصالحة مع المجتمع.
وارتباطا بما سبق، أشار العبادي إلى أن البرنامج يتضمن كذللك شقا هاما يتعلق بالضمانات الأساسية التي أتى بها دستور 2011، فيما يخص احترام حقوق الإنسان وحمايتها والنهوض بها، والغرض من بيان هذه الضمانات هو تقريب النزلاء مما هيئه لهم بللدهم من أجل تأهيلهم لاندماج فعلي وحقيقي واستغلال طاقاتكم لإعادة بناء المستقبل في إطار ممارسة كاملة للمواطنة الصحيحة والحقة.
كما أكد أنه سيتم تخصيص حصص من أجل التذكير بالمقتضيات الخاصة بمكافحة التطرف والإرهاب في المواثيق الدولية وفي التشريع الوطني، وباقي القوانين المنظمة للحياة العامة التي تهدف إلى الحماية وليس العقاب، مبرزا أن إعداد البرنامج تم وفق مقاربة مندمجة تتكامل فيها الأبعاد المذكورة التي سيتم تأطير المحاور المرتبطة بها من طرف الشركاء والمتدخلين المعنيين.