“القاتل الصامت” ليس حكرا على كبار السن

غالبا ما يقترن ارتفاع ضغط الدم بالأمراض التي تصيب كبار السن، لكن هذا الاعتقاد خاطئ، تماما، بحكم تحذير الأطباء من كون العديد من الأطفال والمراهقين قد يتعرضون للإصابة بما يعرف ب “القاتل الصامت” وما ينجم عنه من مضاعفات خطيرة على الصحة، ولاسيما أمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية أو القلبية.

فارتفاع ضغط الدم أو “القاتل الصامت” مرض خطير قد يتم اكتشافه صدفة عند ظهور بعض الأعراض على المريض كصداع الرأس وألم الصدر واضطرابات في النوم، وفي بعض الأحيان حدوث نزيف أنفي، لذلك يؤكد الأطباء على أنه مرض خطير وصامت، بل وقاتل في بعض الأحيان.

وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 1,28 مليار شخص بالغ من الفئة العمرية ما بين 30 و79 سنة في العالم مصابون بارتفاع ضغط الدم، موضحة أن معظم هؤلاء يعيشون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وأن نحو 46 في المائة من البالغين المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يعلمون أنهم مصابون.

وفي هذا الصدد، قالت الأخصائية في أمراض القلب والشرايين عايدة السفياني، إن مرض ارتفاع ضغط الدم من أهم الأخطار الصحية، معتبرة أن بعض العادات الغذائية لدى الشباب تعد من بين الأسباب الرئيسية لانتشاره في أوساطهم.

وأوضحت السفياني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأكل الذي يحتوي على كميات عالية من الصوديوم، والبروتينات عالية الدهون بالإضافة إلى عدم ممارسة الرياضة، والزيادة المفرطة في الوزن، والتدخين (حتى السلبي) يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

وأضافت أنه قد يكون الضغط مرتفعا لدى المريض لسنوات عديدة دون أن يكون لديه علم بذلك، ومن الممكن أن لا يكتشف مرضه إلا بعد حدوث مضاعفات خطيرة على الصحة كالذبحة الصدرية أو الجلطة الدماغية، مبرزة أن فحص ضغط الدم يعد الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان الفرد مصابا أم لا.

وأكدت أن اكتشاف الإصابة بمرض ضغط الدم بصفة مبكرة قد يقلص من الخطر على صحة الفرد، إذ ينصح الطبيب في هذه الحالة بتغيير نمط الحياة، الذي غالبا ما يكون غير صحي، مع مراقبة دورية لقياس الضغط، مستدركة أنه في حالة ارتفاع الضغط بشكل كبير قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، وبالتالي لابد من تدخل الطبيب المعالج مباشرة لتخفيض الضغط عن طريق الأدوية.

وأوضحت الأخصائية في أمراض القلب والشرايين أنه يتم تشخيص الإصابة بارتفاع ضغط الدم عندما يساوي أو يتجاوز قياس ضغط الدم الانقباضي في يومين مختلفين 140 مليمترا زئبقيا، أو عندما يساوي أو يتجاوز ضغط الدم الانبساطي في كلا اليومين 90 مليمترا زئبقيا، مشددة على ضرورة قياس ضغط الدم بشكل دوري.

وبهذا الخصوص، سجلت أن هناك نوعين من ارتفاع الضغط الدموي، الأول مزمن يصيب ما يقارب 90 بالمائة من المرضى ويرتبط في أغلب الأحيان بعامل الوراثة، فيما يكون “ارتفاع ضغط الدم الثانوي” قابلا للعلاج في حال ما إذا تم تشخيص السبب وراء الإصابة بشكل صحيح.

وشددت السفياني على أنه يتعين للوقاية من ارتفاع ضغط الدم إتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات والابتعاد عن الأغذية الجاهزة والمجمدة والمعلبات واللحوم المحفوظة والمعالجة التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم مقابل تناول أغذية غنية بالبوتاسيوم، ملاحظة أنه على الرغم من إتباع نظام غذائي صحي والإقلاع عن التدخين وممارسة الرياضة وزيادة النشاط البدني، وهي ممارسات تساعد على خفض مستوى ضغط الدم، يظل بعض الأشخاص بحاجة إلى أخذ أدوية لخفض الضغط.

ونبهت إلى ضرورة الابتعاد عن الأخطاء الشائعة المتداولة كتوقف بعض المرضى عن تناول الدواء عند انخفاض ضغط الدم ورجوعه إلى المستوى الطبيعي، مبرزة أنه ينبغي لهم استشارة الأطباء بشأن أي تغير في الوضع الصحي الخاص بهم، وتناول الأدوية الموصوفة لهم بشكل منتظم، وعدم تغييرها إلا بعد استشارة طبيب متخصص، على اعتبار أنه الوحيد الذي يمكنه اتخاذ القرار السليم الذي يراعي الوضع الصحي للمريض.

وفي ما يخص البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم، سجل التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، الصادر في 7 مارس 2023، تقدما ملموسا في الحالات التي تم تشخيصها والتكفل بها، حيث ارتفع مؤشر حالات ارتفاع ضغط الدم المتكفل بها على المستوى الوطني من قبل المراكز الصحية بخمسة أضعاف، إذ انتقل من 198 ألف و808 حالات سنة 2010 إلى مليون و195 ألف و257 حالة متكفل بها سنة 2020.

ورغم هذا التحسن، يؤكد التقرير أن هذا البرنامج يبقى في حاجة إلى تعزيز تأطيره من حيث التحديد الدقيق لمستهدفيه وموارده وأهدافه وأنشطته ومؤشرات تتبعه، مسجلا أن آليات حكامة البرنامج لا تسمح بالتنسيق الفعال بين المستويات المختلفة لمسلك العلاجات، كما أن عملية التكفل تعوقها صعوبات تتجلى، أساسا، في نقص المعدات وعدم كفاية الأدوية والموارد البشرية الطبية وشبه الطبية.

وشدد المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره برسم سنة 2021، على ضرورة وضع إطار قانوني ملائم ومحين للمراقبة واليقظة الصحية والإنذار المبكر، وتعزيز نظام المراقبة الصحية عبر تفعيل نظام المراقبة القائمة على الأحداث، بالإضافة إلى إنجاز تمارين المحاكاة للمخاطر الصحية وذلك بشكل منتظم، أخذا بعين الاعتبار أولويات كل مجال

ومع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى